صحيفة "الحقيقة" تكتب:
بشكل عام، يمكن مواجهة ظواهر متناقضة في العلاقات الدولية، عندما يصبح نظام القيم الحالي والمعايير المقبولة دوليا، وخاصة تطبيق القانون الدولي، مجزأة. ثم يحاول السياسيون والخبراء إيجاد الأسباب التي تجعل النظام العالمي يتآكل ويصبح النظام الدولي الحالي غير صالح للعمل. والسبب هو تطبيق معايير ومعايير مزدوجة، ففي إحدى الحالات تكون الجريمة والتعسف المرتكبان على الساحة الدولية مدينتين، وفي الحالة الأخرى لا يتم إدانتهما فحسب، بل يتم تشجيعهما أيضًا. هناك كل الحقائق التي تشير إلى أن أذربيجان ارتكبت جرائم عسكرية وإبادة جماعية محددة ضد الأرمن في آرتساخ. وفي هذا الشأن، لم يتوقف علييف عن اتخاذ التدابير ولن يتوقف، بل بدلاً من الوقوف أمام المحاكم الدولية ويصبح هدفاً للعقوبات، مثل لاعب دولي رئيسي مثل الاتحاد الأوروبي على سبيل المثال، على مستوى العالم. رئيس المفوضية الأوروبية يعلن أن أذربيجان بقيادة علييف شريك جدير بالثقة. وتضغط الولايات المتحدة أيضًا على أذربيجان، مؤكدة على أهمية ذلك البلد، خاصة من حيث توفير موارد الطاقة. وروسيا بدورها تعمق تعاونها مع أذربيجان. وفي ظل مثل هذا الجو الدولي، يستعد نظام علييف لعقد مؤتمر المناخ التاسع والعشرين COP في باكو. استخدمت أذربيجان جميع وسائلها الدولية لضمان تمثيل كبير في هذا الحدث، الأمر الذي سيشهد على السمعة الدولية المتنامية لباكو. إن مؤتمر المناخ الذي سيعقد في باكو يشبه، على سبيل المثال، تكليف صدام حسين بتنظيم الألعاب الأولمبية في بغداد، أو مثلا، منح هتلر جائزة نوبل للسلام. صحيح أن المجتمع الدولي يغض الطرف عن الجرائم الدولية التي ترتكبها أذربيجان، ولكن من المحتمل أن يأتي وقت يتعين فيه على نظام علييف الرد. ومن ناحية أخرى، من السخف أن يعقد مؤتمر المناخ في بلد يعتمد اقتصاده على تصدير ناقلات الطاقة الهيدروكربونية التي تلوث الجو، ناهيك عن أن تصدير النفط في أذربيجان يكلف الطبيعة غاليا. علييف وأتباعه ببساطة لا يهتمون بحماية البيئة، والآن يعلن نظام علييف نفسه عن إعلان آرتساخ منطقة خضراء ويحاول جذب الاستثمارات من أجل تعزيز تطوير الطاقة الخضراء في آرتساخ. في وقت من الأوقات، قام ما يسمى بالناشطين "البيئيين" في أذربيجان، احتجاجًا على تشغيل منجم كاشين في آرتساخ، بإغلاق ممر لاتشين، لكن اليوم تخطط أذربيجان لاستغلال مناجم آرتساخ بشكل كبير وتم التوصل إلى اتفاقيات مع بعض المستثمرين في هذا الاتجاه. لكن مع كل هذا تصل وقاحة ووقاحة أذربيجان إلى درجة أنهم يطالبون تلك الدولة بإغلاق مصانع التعدين والمصانع الأخرى العاملة في أرمينيا، بحجة أنها تلحق ضررا كبيرا ببيئة بلادهم وتلوثها. حتى أنهم يريدون الحصول على فرصة إجراء المراقبة في المصانع الأرمنية. وبطبيعة الحال، فإن أحد مطالب أذربيجان هو إغلاق محطة ميتسامور للطاقة النووية، الأمر الذي يعزوه إلى كارثة إشعاعية محتملة. والسؤال هو كيف تتمكن أذربيجان من عبور كل الحدود وإلقاء اللوم على أرمينيا وصياغة مطالب جديدة؟ ولعل أحد الأسباب هو أن أرمينيا صامتة ولا تعمل بشكل فعال على جلب الاحتيال والجرائم التي ترتكبها أذربيجان إلى السطح ووضع مطالب ملموسة أمامها.
آرثر كارابيتيان